نجيب في هذه التدوينة على سؤال يطرحه العديد من الغيورين على مستقبل أطفالنا في مستوى تعليمهم بالوطن العربي، و هذا بعد تعرفهم على تقنيات السوروبان و تأثيراتها على قدرات الطفل العقلية و النفسية...، فيكون أول سؤال يطرح هو:
لماذا لا تفكر الحكومات العربية في إدخال تقنيات السوروبان إلى النظام التعليمي بشكل رسمي كما هو الحال في اليابان و الصين؟ خصوصا و أننا نعلم التقدم العلمي للدول التي تعتمد تقنيات السوروبان في ثقافتها!
إلى حد الساعة، السؤال مشروع، بريء، و منطقي، لكن قبل الشروع في الإجابة، دعونا نطرح سؤالا بسيطا!
قبل الإجابة...
هل فعلا الصين و اليابان و كوريا... تعتمد تقنيات السوروبان كمادة تعليمية في جميع المدارس الحكومية؟؟ الجواب قد يفاجئ البعض، لأن بعض المدربين في دورات تدريبية يتحدثون عن السوروبان و كأنه وجبة غذاء أساسية في كل بيت ياباني أو صيني! حتى ليخيل للمستمع أن كل ياباني يتقن السوروبان! و هذا خطأ!السوروبان لا يدرس في المدارس العمومية لا في اليابان و لا في الصين! بل هو جزء من ثقافة تلك الشعوب، و له قيمة ثقافية كبيرة نعم، لكن ليس لدرجة أنه معتمد حكوميا في البرنامج التعليمي، بل يدرس في مراكز خاصة و بأثمنة ليست بالقليلة، و المدربون المحترفون في تلك الدول قليلون، و ليس بذلك العدد الضخم الذي قد يتصوره البعض! و أقل مدرب سوروبان في تلك المراكز لديه شهادة معتمدة دوليا (بمعايير مضبوطة) تثبت اجتيازه لجميع المستويات بنجاح.
ماذا عن صور أطفال يابانيين التي نراها على الفيسبوك و هو يتدربون على السوروبان؟
هؤلاء ليسوا في حصة تعليمية داخل مدرسة حكومية، إنهم في مراكز سوروبان خاصة مستقلة تماما عن المدرسة، يخصصون لها وقتا مناسبا لهم. بالإضافة إلى أطفال ما قبل سن الدراسة أو الروضة مواظبون على الحصص التدريبية في المراكز. بهذه الطريقة يستفيد الأطفال من تقنيات السوروبان دون تداخل مع البرنامج التعليمي الرسمي.كيف يمكن أن ننقل تقنيات السوروبان إلى جميع الأطفال في المدارس؟
ليس مطلوبا أن يتخصص الجميع في السوروبان، فتقنيات الحساب الذهني كثيرة و السوروبان واحدة منها فقط، كما أن طغيان الجانب النفعي المادي في بعض مثيري هذه الفكرة يجعلها نوعا ما مستحيلة.لذلك، يُقترح، حسب آراء بعض المدربين، أن يكون في كل مدرسة ناد للحساب الذهني، يقوم بأنشطة موازية للبرنامج الدراسي دون إجبار الجميع على الانخراط فيه، فكما سبقت الإشارة في تدوينات سابقة و حسب دراسات علمية يابانية، فإن عدد من الأطفال الذين اجبروا على تعلم السوروبان لم يستفيدوا منه بل بالعكس تراجعت قدراتهم و مهاراتهم!
إذا كنت كمدرب أو مدير مركز تدريبي و تنوي تعميم تقنيات السووربان على الجميع، فأفضل طريقة هو العمل الجمعوي، من خلال شراكات مع المدارس يستفيد منها أكبر عدد من الأطفال شريطة أن يكون البرنامج التدريبي موزع على مستويات بشكل منظم بعيدا عن العشوائية. فقد كانت هناك مبادرات فعلا من هذا النوع لم تتعد الحصة أو الحصتين و لم تعط نتائج ملموسة غير بعض الصور للأطفال بجانب المعدادات مع المدرب ثم انتهى البرنامج!! من كان يريد أن يفيد الأطفال فليعد برنامجا واضحا مسبقا شاملا للمحتوى العلمي و التوزيع الزمني مع وفقات تقييمية قابلة للقياس.