recent
أخبار ساخنة

حقنة التطبيع! أيها المطبعون!

حقنة التطبيع! أيها المطبعون!
الكاتب: عز الدين أبو جهاد 

 ما زال عام 2020 يسرد مفاجآته الواحدة تلو الأخرى، من التلقيح إلى التطبيع ثم من التطبيع إلى التلقيح.. دوامة من الأحداث المتسارعة و المتتالية، تحليلات متسلسلة  لا تنتهي كيفا و كما، عدد السيناريوهات التي نسمعها أو نقرأ عنها بلغ تقريبا عدد سكان الدول العربية! و من هذه التحليلات هذا المقال الذي تقرأه الآن!! )))

كلنا نعرف أن ثمة أمرا مريبا يطبخ مع مكونات لقاح وباء 2020 و في كواليس التطبيع، بالرغم من أننا لم نكن من الأمم التي ينتظرها العالم لإنقاذ الكوكب من هذا الداء، ولو بلقاح فاشل! لكننا مجتهدون كل الاجتهاد في إخراج سيناريو ما بعد اللقاح! فقائل أن اللقاح فيه أجهزة تجسس، و قائل أننا أمام مؤامرة ستصيب العرب كلهم بالعقم! و الأغرب من ذلك ما قاله بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأن هذا اللقاح سيغير الجينات الوراثية لسكان المعمورة حتى يصبحوا كلهم جنود تابعون لأمريكا و إسرائيل. 

سنحتاج إلى جيش من الخبراء في كافة التخصصات الموجودة فوق و تحت الكرة الأرضية من أجل فلترة كل هذه التحليلات، حتى نكون منصفين و نبحث لكل سؤال عن جواب مقنع احتراما لكرامة أعداء "المؤامرة".

و نحن في خضم تحليلات و سيناريوهات لقاح كورونا، نسمع فجأة كلمة "تطبيع" و عائلتها من طبع يطبع و طبعت و ستطبع قريبا...

موضوع يسيل لعاب المناضلين و يحرك المياه الراكدة في الأوساط المعارضة للحكومات، موضوع دسم حقا لاسترجاع أمجاد النضال و القومية بالنسبة لدعاة العروبة، و ركيزة قوية للأحزاب و الجماعات التي تأخذ الموضوع من الناحية الدينية باعتبار أن القضية اسلامية.

قبل أن نتهم أو نخون أحدا، دعونا نطرح سؤالا: ما هو التطبيع؟ و لقد سألت العديد من الغاضبين و سألت نفسي أول ما طبعت الإمارات عن تعريف كلمة تطبيع لغة و اصطلاحا، حتى نصنف أنفسنا مع أو ضد!! فلربما بعد التعرف على معنى المصطلح نجد أنفسنا مطبعين دون أن نشعر!!

التطبيع لغة من طبَّع يطبِّع تطبيعا أي جعل الوضع طبيعيا .. و يقصد به سياسيا جعل العلاقات بين دولتين مطبعتين عادية، إلا أن هذه الكلمة غالبا ما يرفق معها كلمة إسرائيل، فيقال التطبيع مع إسرائيل! أي التعامل مع هذا الكيان المحتل لفلسطين سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا و ما إلى ذلك، و يقابله المقاطعة، أي مقاطعة كل نشاط كيفما كان مع إسرائيل دعما للقضية الفلسطينية.. و المتمعن في كنه الموضوع يجد مفارقة عجيبة، و هي أن المطبع و المقاطع كلاهما لا يدعم القضية الفلسطينية كما يتمنى المناضل العروبي (بالسلاح و إعلان الحرب ضد اليهود).. بل قد تجد دولا عربية مطبعة و تدعم الفلسطينيين ماديا أكثر من الدول التي تتغنى بالمقاطعة عشرات المرات.. 

المقاطعة إذن هو رؤية الظالم كيف يتجبر ثم  الابتعاد عنه و مقاطعته، مثله كمثل الذي يرى بيته يحترق ثم يهرب إلى أعلى الجبل، ليجد هناك المطبع أيضا يراقب من هناك!! كلاهما لا يعرف كيف يطفئ الحريق ولا حتى كيف ينقذ من بداخل بيته.

ببحث بسيط، سنجد المطبعين نوعان: دول مطبعة مع إسرائيل علانية، و أخرى غارقة في التطبيع لكن خلف الستار تفضحها منابر الاعلام الإسرائيلي. و كل العنتريات التي نشاهدها في الانترنت و في الاعلام ما هي إلا وسيلة تركبها الحكومات لإلهاء الشعوب عن الأموال المنهوبة أو عن السياسات الفاشلة. 

إذا كنت تريد معرفة هل دولة ما مطبعة أم لا فاكتب دملة بسيطة في جوجل مثل: المبادلات التجارية بين إسرائيل و دولة "........" اكتب اسم تلك الدولة و سترى العجب العجاب! فيديوهات و صور و وثائق لرؤساء دول تجعل من القضية الفلسطينية سبب بقائها في كراسي الحكم.

نحن شعوب يتم إلهاؤها بخبر على وسائل الاعلام أو سطر في جريدة، و تختلف وسائل الإلهاء حسب أهمية المرحلة، و لكل مقام مقال..

لن تتحرر فلسطين ما دام من يصرخون في أبواق تحريرها مطبعون مع الربا، الخمور و الكبائر، ما دمنا نقرأ في أخبارنا كل يوم عن جرائم يندى لها الجبين و تشيب لها الولدان! لو استقمنا كما أمرنا الله عز و جل لدانت لنا الدنيا كما وعد الله تعالى في قوله سبحانه: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ .

صدق الله العظيم

****************************************
كل تطبيع و أنتم بخير!

الكاتب: عز الدين أبو جهاد 

لنشر مقالاتكم في الموقع يرجى التواصل عبر صفحة سوروبان العرب على الفيسبوك

google-playkhamsatmostaqltradent